أظهر الاستقطاب و الفرز السياسي في المرحلة الانتقالية ، وخاصة في الفترة التي سبقت الانتخابات البلدية والتشريعية ، صعوبة دراسة الميول السياسية و التفضيلات الانتخابية للموريتانيين نتيجة تعدد مستويات التعقيد و تشابك المتغيرات المستقلة التي تتحكم في الواقع السياسي الموريتاني. و قد أدى تعدد دوائر الانتماء الشبيهة بالصناديق الصينية المتدرجة في الكبر إلى تعقيدات بالغة لدى محاولة تحديد الميول المحتملة للناخب الموريتاني نتيجة تفاوت قوة هذه الانتماءات ( قبلية ، جهوية ، إثنية / حزبية ، أيديولوجية) من شخص لآخر من جهة و تأثرها بمخرجات النظام من جهة أخرى. و كان من شأن شائعات مجهولة المصدر أو تهويلات يطلقها زعماء سياسيون يتهمون المجلس العسكري بدعم أحد الأطراف أن تؤثر بعمق في خيارات ناخبين هم أشبه ما يكونون بمراهنين يقفون عند نهاية الحلبة في وضعية استعداد لجني الأرباح فور نهاية السباق. ففي الثقافة السياسية الموريتانية لا يعني انتماؤنا لحزب سياسي أننا ، بالضرورة ، نصوت لبرنامجه السياسي بقدر ما يؤشر إلى الثقة التي نضعها في توقعاتنا لما يمكن لهذا الحزب أن يحصده من مقاعد في الانتخابات البرلمانية. عاجلا أو آجلا ، سيؤدي هذا الأمر ، أي الولع بدعم التشكيلات السياسية القوية إلى انحسار و تراجع عدد الأحزاب السياسية في البلاد ، و التي لا تدل كثرتها الحالية على تنوع الخيارات أو شدة الاستقطاب في الحياة السياسية الموريتانية بقدر ما تدل على توق أصحاب هذه الأحزاب في أغلبهم إلى نيل الامتيازات المصاحبة للترخيص و إحراز ألقاب مميزة في مجتمع حديث العهد بالتعددية الحزبية. عشية الثالث من أغسطس عام 2005 لم يجد الحزب الجمهوري بـداً من إعادة النظر في دوره و هيكليته و برنامجه على ضوء انسحاب و استقالة أعداد هائلة من المنتسبين القلقين من تراجع نفوذ الحزب في المشهد السياسي بعد الإطاحة بالدكتاتور. و الواقع أنه لم توجد ، حتى ذلك الحين ، تشكيلة سياسية قوية إلى جانب حزب تكتل القوى الديمقراطية يمكنها أن تدغدغ أحلام و طموحات الراغبين في إحراز نصر سياسي يحقق زهوا لائقا و يعود بامتيازات شخصية ، لذلك سرعان ما أصبح الحزب المذكور قبلة أفواج من الوصوليين و رهانهم المفضل قبل أن يتركوه لينضموا للمستقلين الجدد بعدما تردد في أكثر من مناسبة خبر دعمهم من طرف المجلس العسكري. إن أولى المعضلات التي يواجهها المحللون السياسيون للشأن الموريتاني هي أن توقعاتهم نفسها تؤثر في مجرى الأحداث بطريقة تشبه ، في سرعتها و زخمها ، ما هو معروف في الأسواق المالية : فحين يتوقع محلل البورصة ارتفاعا في أسعار أسهم شركة معينة يؤدي ذلك ، سواء أكان صادقا أم كاذبا ، إلى زيادة سريعة في الطلب على الأسهم ما يقود ، حتما ، إلى ارتفاع أسعارها. لقد رأينا أمورا مماثلة تحدث في المشهد السياسي الموريتاني ، حيث أدت السمعة التي أحرزها حزب تكتل القوى الديمقراطية في الأوساط الإعلامية كأحد أكبر القوى المرشحة للفوز بالاستحقاقات إلى تدفقات متتالية من المنتسبين الجدد الذين ستحملهم توقعات لاحقة إلى صفوف المستقلين ليستحق حزب التكتل ، بعد ذلك و بجدارة ، لقب " الحزب المصفاة ". إن سرعة تغير القناعات و تفشي ظاهرة "الحربائية السياسية" جعلت أكثر المحللين السياسيين يكفون عن التنبؤ حفاظا على مصداقيتهم و يقتصرون في عملهم على الوصف و التفسير في ظل غياب أطر تحليل إرشادية موثوقة. تتمثل المعضلة الثانية في صعوبة التنبؤ بنتائج الانتخابات استنادا إلى معايير موضوعية تتعلق بشعبية الحزب أو جاذبية برنامجه السياسي إذا لم تترافق تلك المعطيات مع حسن اختيار الحزب لمرشحيه المحليين و الوطنيين ، ذلك أن الناخب الموريتاني يعطي صوته لأشخاص أكثر مما يقترع لصالح حزب أو تشكيلة سياسية ، و هو في النهاية مستعد لمعاقبة الأحزاب حين لا توفق في قراءة الحساسيات المحلية. لا شك أن كلا من الثقافة السياسية غير المدنية و البنية الاجتماعية العشائرية تلعبان دورا مهما في صوغ التفضيلات الانتخابية للمواطن الموريتاني من خلال ثلاثة عوامل أساسية ، نرتبها ، فيما يلي ، حسب قوة تأثيرها: عامل توقع الفوز : يميل الناخب الموريتاني ،عادة ، إلى التضامن مع التشكيلات السياسية التي يتوقع فوزها في الانتخابات ، ويساعدنا هذا العامل في فهم السر الكامن وراء الموجات المتلاحقة من المنتسبين ، قبيل الانتخابات البلدية و التشريعية ، لكل من تجمع المستقلين وحزب تكتل القوى الديمقراطية . العامل القبلي و الجهوي : يؤثر الانتماء القبلي و الجهوي في خيارات الناخبين الموريتانيين ويدفعهم إلى الاقتراع لصالح أحزاب يقودها أفراد من قبائلهم أو ولاياتهم ، ويقدم هذا العامل تفسيرا جزئيا لدوافع دعم ناخبي ولاية اترارزة لحزب تكتل القوى الديمقراطي و مؤازرة أهالي ولاية الحوض الغربي لحزب حاتم و تعاطف سكان ولاية تكانت مع كل من حزبي التجديد الديموقراطي و تجمع قوى التقدم العامل الإيديولوجي : وهو أضعف العوامل الثلاثة ولا يكاد يلحظ تأثيره إلا لدى بعض الفئات المدينية الداعمة لأحزاب قومية صغيرة ، و إن كان يبرز في إحدى تجلياته على شكل قوة تعبوية هائلة كثيرا ما استفاد منها إسلاميو موريتانيا. أما العوامل الموضوعية التي يقدمها علم الاجتماع الانتخابي فكانت غائبة أو غير فعالة في توجيه ميول الناخب الموريتاني و رسم تفضيلاته السياسية في الانتخابات البلدية و التشريعية الأخيرة ، و لم يلحظ ميل عام لدى أي فئة اجتماعية يميزها عن بقية الفئات الاجتماعية الأخرى ، كما أن نتائج الانتخابات لم توفر معطيات قوية لتمييز نزوع خاص لدى الناخبين الريفيين يختلف كثيرا عن تفضيلات مواطنيهم من سكان المدن الكبرى. وسيبقى متعذرا ، في ظل غياب معطيات إحصائية دقيقة ، تقدير قوة تأثير عامل المستوى المعيشي على الخيارات الانتخابية حتى و إن تعلق الأمر بمدينة تمتاز بفوارق صارخة بين مقاطعاتها كالعاصمة انواكشوط إذ يمكن إرجاع النزوع المشترك للمقاطعات الثلاث الفقيرة "الرياض ، الدائرة الخامسة و السادسة" إلى أسباب اجتماعية و تاريخية أكثر منها اقتصادية. كذلك ، لم تقدم نتائج الانتخابات دليلا على تأثير نوع النشاط الاقتصادي الممارس على خيارات الناخبين ، وعند البحث عن قواسم مشتركة لدى المقترعين في الولايات الزراعية نخرج بخيبة أمل و دون أن نعثر على نقاط ارتكاز قوية لفرضياتنا ، بل بالأحرى نفاجأ إذ نقف على ميول متشابهة لتجمعات ريفية رعوية مع أخرى مدينية "صناعية". و مهما يكن من أمر فإن النتيجة النهائية التي سيقودنا إليها تحليلنا لنتائج الانتخابات البلدية و البرلمانية لن تكون شيئا آخر غير اعترافنا بصعوبة رسم خريطة انتخابية موريتانية تصمد دون تعديلات شاملة عند أول استحقاقات وطنية.
هناك تعليقان (2):
شركة تنظيف سجاد وموكيت ببقيق
شركة تنظيف شقق ببقيق
شركة تنظيف فلل ببقيق
شركة تنظيف مجالس ببقيق
شركة تنظيف منازل ببقيق
شركة رش مبيدات ببقيق
شركة شفط بيارات ببقيق
شركة عزل اسطح ببقيق
شركة عزل خزانات ببقيق
شركة كشف تسريبات المياه ببقيق
شركة مكافحة البق ببقيق
شركة مكافحة النمل الابيض ببقيق
شركة مكافحة حشرات ببقيق
شركة نقل اثاث ببقيق
شركة نقل عفش ببقيق
شركة تسليك مجارى براس تنوره
شركة تنظيف براس تنوره
شركة تنظيف بيوت براس تنوره
شركة تنظيف خزانات براس تنوره
شركة تنظيف سجاد وموكيت براس تنوره
شركة تنظيف شقق براس تنوره
شركة تنظيف فلل براس تنوره
شركة تنظيف مجالس براس تنوره
شركة تنظيف منازل براس تنوره
شركة رش مبيدات براس تنوره
شركة شفط بيارات براس تنوره
شركة عزل اسطح براس تنوره
شركة كشف تسريبات المياه براس تنوره
شركة مكافحة البق براس تنوره
شركة مكافحة النمل الابيض براس تنوره
شركة مكافحة حشرات براس تنوره
شركة عزل خزانات براس تنوره
شركة نقل اثاث براس تنوره
شركة نقل عفش براس تنوره
شركة تنظيف فلل بالظهران
شركة تنظيف منازل بالظهران
شركة رش مبيدات بالظهران
شركة شفط بيارات بالظهران
شركة عزل اسطح بالظهران
شركة عزل خزانات بالظهران
شركة تنظيف مجالس بالظهران
شركة كشف تسريبات المياه بالظهران
شركة مكافحة البق بالظهران
شركة مكافحة النمل الابيض بالظهران
شركة مكافحة حشرات بالظهران
شركة نقل اثاث بالظهران
شركة نقل عفش بالظهران
شركة تسليك مجارى بالقطيف
شركة تنظيف بالقطيف
شركة تنظيف بيوت بالقطيف
شركة تنظيف خزانات بالقطيف
شركة تنظيف سجاد وموكيت بالقطيف
شركة تنظيف شقق بالقطيف
شركة تنظيف فلل بالقطيف
شركة تنظيف مجالس بالقطيف
شركة تنظيف منازل بالقطيف
شركة رش مبيدات بالقطيف
شركة شفط بيارات بالقطيف
شركة عزل اسطح بالقطيف
شركة عزل خزانات بالقطيف
شركة كشف تسريبات المياه بالقطيف
شركة مكافحة البق بالقطيف
شركة مكافحة النمل الابيض بالقطيف
شركة مكافحة حشرات بالقطيف
شركة نقل اثاث بالقطيف
شركة نقل عفش بالقطيف
شركة تسليك مجارى ببقيق
شركة تنظيف ببقيق
شركة تنظيف بيوت ببقيق
شركة تنظيف خزانات ببقيق
إرسال تعليق